الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: العبر في خبر من غبر (نسخة منقحة)
.سنة ثمان عشرة وست مائة: فانكسر تولي خان وأسر خلق من التتار وقتل آخرون ولله الحمد فقامت قيامة جنكزخان واشتد غضبه إذ لم يهزم له جيش قبلها. فجمع جيشه وسار بهم إلى ناحية السند. فالتقاه جلال الدين في شوال من السنة فانهزم جيشه وثبت هو وطائفة. ثم حمل بنفسه على قلب جنكزخان وكسره وولي جنكزخان منهزمًا. وكادت الدائرة تدور عليه لولا كمين له عشرة آلاف خرجوا على المسلمين. فطحنت الميمنة وأسر ولد السلطان جلال الدين. فتبدد نظامه وتقهقر إلى حافة السند. وأما بغداد فانزعج أهلها وقنت المسلمون وتأهب وفيها سار الملك الأشرف ينجد أخاه الكامل وسار معه عسكر الشام. وخرجت الفرنج من دمياط بالفارس والراجل أيام زيادة النيل فنزلوا على ترعة فبثق المسلمون عليها النيل فلم يبق لهم وصول إلى دمياط. وجاء الأصطول فأخذوا مراكب الفرنج وكانوا مائة كند وثمان مائة فارس فيهم صاحب عكا وخلق من الرجالة. فلما عاينوا الخذلان بعثوا يطلبون الصلح ويسلمون دمياط إلى الكامل. فأجابهم ثم جاءه أخواه بالعساكر في رجب. فعمل سماطًا عظيمًا وأحضر ملوك الفرنج وأنعم عليهم ووقف في خدمته المعظم والأشرف. وكان يومًا مشهودًا. وقام راجح الحلي فأنشد قصيدة منها: ونادى لسان الكون فيالأرض رافعًا عقيرته في الخفافين منوشدا أعباد عيسى إن عيسى وحزبه وموسى جميعًا ينصران محمدا وأشار إلى الإخوة الثلاثة. وفيها توفي الشيخ الزاهد القدوة نجم الدين أبو الجناب أحمد بن عمر ابن محمد الخيوقي الصوفي المحدث شيخ خوارزم. ويقال له نجم الدين الكبري. وخيوق من قرى خوارزم. كان صاحب حديث وسنة وزهد وورع. له عظمة في النفوس وجاه عظيم. رحل في الحديث وسمع بهمذان من الحافظ أبي العلاء وبالسكندرية من السلفي وعني بمذهب الشافعي وبالتفسير. وله تفسير في اثني عشر مجلدًا. ولما نزلت التتار على خوارزم في هذه السنة خرج لقتالهم في خلق فاستشهدوا على باب البلد. وعبد المعز بن أبي الفضل بن أحمد أبو روح الهروي البزاز ثم الصوفي مسند العصر. ولد سنة اثنتين وعشرين وخمس مائة. وسمع من غنيم الجرجاني وزاهر الشحامي وطبقتهما. وله مشيخة في جزء. روى شيئًا كثيرًا. واستشهد في دخول التتار هراة. في ربيع الأول. وهو آخر من كان بينه وبين النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ سبعة أنفس ثقات. والقاسم ابن المفتي أبي سعد عبد الله بن عمر أبو بكر بن الصفار النيسابوري الشافعي الفقيه. روى عن جده العلامة عمر بن أحمد الصفار ووجيه الشحامي وأبي الأسعد القشيري وطائفة. وكان مولده سنة ثلاث وثلاثين وخمس مائة. استشهد في دخول التتار نيسابور في صفر. والشهاب محمد بن خلف بن راجح الإمام أبو عبد الله المقدسي الحنبلي الفقيه المناظر. رحل إلى السلفي فأكثر عنه وإلى شهدة وطبقتها فأكثر عنهم. وأخذ الخلاف عن ابن المني. وكان بحاثًا مفحمًا للخصوم ذا حظ من صلاح الدين وأوراد وسلامة صدر وأمر بالمعروف ونهي عن المنكر. نسخ الكثير. ومات في صفر عن ثمان وستين سنة. ومحمد بن عمر بن عبد الغالب العثماني المحدث أبو عبد الله الدمشقي. دين صالح ورع. روى عن أحمد بن حمزة الموازيني وابن كليب وخليل الرازي وطبقتهم. توفي بالمدينة النبوية في المحرم كهلًا. وفيها توفي موسى ابن الشيخ عبد القادر الجيلي أبو نصر. روى عن أبيه وابن ناصر وسعيد بن البنا وأبي الوقت. وسكن دمشق. وكان عريًا من العلم. توفي في أول جمادى الآخرى عن ثمانين سنة. وهبة الله بن الخضر بن هبة الله بن أحمد بن طاوس السديد أبو محمد الدمشقي. سمعه أبوه من نصر الله المصيصي وابن البن وجماعة. وكان كثير التلاوة. توفي في جمادى الأولى. .سنة تسع عشر وست مائة: روى عن السلفي وجماعة. وهومن بيت قضاء وحشمة. توفي في جمادى الآخرة. وابن الأنماطي الحافظ تقي الدين أبو الطاهر إسماعيل بن عبد الله بن عبد المحسن المصري الشافعي. روى عن البوصيري ومن بعده ورحل إلى الشام والعراق وكتب الكثير وحصل وثابت بن مشرف أبو سعد الأزجي البناء المعمار. روى عن ابن ناصر والكروخي وطبقتهما فأكثر. وحدث بدمشق وحلب. وتوفي في ذي الحجة. والشيخ علي بن إدريس اليعقوبي الزاهد صاحب الشيخ عبد القادر. سيد زاهد عابد رباني متاله بعيد الصيت. توفي في ذي القعدة. ومسمار بن عمر بن محمد بن العويس أبو بكر البغدادي النيار نزيل الموصل. روى عن أبي الفضل الأرموي وابن ناصر وجماعة. وحدث بالكثير. وكان دينًا خيرًا يقرىء القرآن. توفي بالموصل في شعبان. وأبو الفتوح بن الحصري الحافظ برهان الدين نصر بن أبي الفرج محمد ابن علي البغدادي الحنبلي المقرئ. قرأ القراءات على أبي الكرم الشهرزوري وأقرأها. وحدث عن أبي بكر بن الزاغوني وأبي طالب العلوي وخلق كثير. وكان يفهم الحديث. وجاور بمكة وتعبد ثم خرج إلى اليمن فأدركه أجله بالمهجم في أول السنة. وقيل في ربيع الآخر عن ثلاث وثمانين سنة. والشيخ يونس بن يوسف بن مساعد الشيباني المخارقي القنيي والقنية قرية من نواحي ماردين وهذا شيخ الطائفة اليونيسية أولى الشطح وقلة العقل وكثرة الجهل. أبعد الله شرهم. وكان رحمه الله صاحب حال وكشف يحكى عنه كرامات. .سنة عشرين وست مائة: وثبت الجمعان أيامًا ثم انتصرت التتار وغسلوا اولئك بالسيف. وفيها توفي أبو علي الحسن بن زهرة الحسيني النقيب رأس الشيعة بحلب. وعزهم وجاههم وعالمهم. كان عارفًا بالقراءات والعربية والأخبار والفقه على رأي القوم. وكان متعينًا للوزارة أنقذ رسولًا إلى العراق وغيرها. اندكت الشيعة بموته. والحسين بن يحيى بن أبي الرداد المصري ويسمى أيضًا محمدًا. كان آخر من روى بنفس مصر عن رفاعة الخلعيات. توفي في ذي القعدة. والشيخ موفق الدين المقدسي أحد الأئمة الأعلام أبو محمد عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة الحنبلي صاحب التصانيف. ولد بجماعيل سنة إحدى وأربعين وخمس مائة. وهاجر مع أخيه الشيخ أبي عمر سنة إحدى وخمسين وحفظ القرآن وتفقه ثم ارتحل إلى بغداد فأدرك الشيخ عبد القادر وسمع منه ومن هبة الله الدقاق وابن البطي وطبقتهم. وتفقه على ابن المني حتى فاق على الأقران وحاز قصب السبق وانتهى إليه معرفة المذهب وأصوله. وكان مع تبحره في العلوم وتفننه ورعًا زاهدًا ربانيًا عليه هيبة ووقار وفيه حلم وتؤده. وأوقاته مستغرقة للعلم والعمل. وكان يفحم الخصوم بالحجج والبراهين ولا يتحرج ولاينزعج وخصمه يصيح ويحترق. قال الحافظ الضياء: كان تام القامة أبيض مشرق الوجه أدعج العينين كأن النور يخرج من وجهه لحسنه واسع الجبين طويل اللحية قائم الأنف مقرون الحاجبين لطيف اليدين نحيف الجسم إلى أن قال: رأيت الإمام أحمد في النوم فقال: ما قصر صاحبكم الموفق في شرح الخرقي. وسمعت أبا عمرو بن الصلاح المفتي يقول: ما رأيت مثل الشيخ الموفق. وسمعت شيخنا أبا بكر بن غنيمة المفتي ببغداد يقول: ماأعرف أحدًا في زماننا أدرك درجة الاجتهاد إلا الموفق. قلت: جمع له الضياء ترجمة في جزئين. ثم قال: توفي يوم عيد الفطر. والشيخ فخر الدين ابن عساكر شيخ الشافعية بالشام أبو منصور عبد الرحمان بن محمد بن الحسن بن هبة الله. ولد سنة خمسين وخمس مائة وسمع من عميه الصائن والحافظ أبي القاسم وحسان الزيات وطائفة. وبرع في المذهب على القطب النيسابوري وتزوج بابنته ودرس بالجاروخية ثم بالصلاحية بالقدس ثم بالتقوية وكان يقيم بالقدس أشهرا وبدمشق أشهرًا. وكان لا يمل الشخص من رؤيته لحسن سمته واقتصاده في لباسه ولطفه ونور وجهه وكثرة ذكره لله. عرض عليه المعظم القضاء فامتنع وأشار بتولية ابن الحرستاني فولي. وكان له مصنفات في الفقه لم تنشر. توفي في رجب وله سبعون سنة. وصاحب المغرب السلطان المستنصر بالله أبو يعقوب ابن يوسف بن محمد يعقوب ابن يوسف بن عبد المؤمن القيسي. لم يكن في آل عبد المؤمن أحسن منه ولا أفصح ولا أشغف باللذات. ولي الأمر عشر سنين بعد أبيه ومات شابًا لم يعقب. مات في شوال أو ذي القعدة. .سنة إحدى وعشرين وست مائة: وفيها استولى لؤلؤ على الموصل وخنق محمود بن القاهر وزعم أنه مات. وفيها عادت التتار من بلاد القفجاق ووصلوا إلى الري. وكان من سلم من أهلها قد تراجعوا إليها فما شعروا إلا بالتتار قد أحاطوا بهم فقتلوا وسبوا ثم ساروا إلى ساوه ففعلوا بأهلها كذلك ثم ساروا إلى قم وقاشان فأبادوهما ثم عطفوا إلى همذان فغسلوا ونظفوا من تبقي بها ثم ساروا إلى توريز فوقع بينهم وبين الخوارزمية مصاف. وفيها توفي ابن صرما أبو العباس أحمد بن أبي الفتح يوسف بن محمد الأزجي المشتري مسند وقته. سمع من الأرموي وابن الطلاية وابن ناصر وطائفة. وتفرد بأشياء. توفي في شعبان. وأبو سليمان بن حوط الله وهوداود بن سليمان بن داود الأنصاري نزيل مالقه. رحل وروى عن ابن بشكوال فأكثر وعن عبد الحق بن بونة وأبي عبد الله بن زرقون. وولي قضاء بلنسية وغيرها وعاش تسعًا وستين سنة. وأبو طالب بن عبد السميع الهاشمي عبد الرحمان بن محمد بن عبد السميع بن أبي تمام الواسطي المقرئ المعدل. قرأ القراءات على عبد العزيز السماني وغيره وسمع ببغداد من هبة الله بن الشبلي وطائفة وصنف أشياء حسنة وعني بالحديث والعلم. توفي في المحرم عن ثلاث وثمانين سنة. وابن الحباب القاضي الأسعد أبو البركات عبد القوي ابن القاضي الجليس عبد العزيز بن الحسين التميمي السعدي الأغلبي المصري المالكي الأخباري المعدل راوي السيرة عن ابن رفاعة. كان ذا فضل ونبل وسؤدد وعلم ووقار وحلم وكان ذا جمالًا لبلده. توفي في شوال وله خمس وثمانون سنة. وعبد الواحد بن يوسف بن عبد المؤمن بن علي سلطان المغرب أبو محمد. ولي الأمر في العام الماضي فلم يدار أمر الموحدين فخلعوه وخنقوه في شعبان. وكانت ولايته تسعة أشهر وفي أيامه استولى على مملكة الأندلس ابن أخيه عبد الله بن يعقوب الملقب بالعادل. والتقى الفرنج فهزموا جيشه فطلب مراكش بأسوإ حال فقبضوا عليه. وتملك الأندلس بعده أخوه إدريس مديدة فخرج عليه محمد بن يوسف بن هود الجذامي ودعا إلى آل العباس. فمال الناس إليه فهرب إدريس بعسكره إلى مراكش فالتقاه صاحبها يمئذ يحيى بن يوسف. فهزم يحيى. وابن النبيه الشاعر المشهور علي بن محمد بن النبيه. أحد شعراء العصر مات بنصيبين. وعلي بن عبد الرشيد أبو الحسن الهمذاني قاضي همذان ثم قاضي الجانب الغربي ببغداد ثم قاضي تستر. حضر على أبي الوقت وسمع من أبي الخير الباغبان وقرأ القرآن على جده لأمه أبي العلاء العطار. توفي في صفر. والشيخ علي الفرتثي الزاهد صاحب الزاوية والأصحاب بسفح قاسيون. وكان صاحب حال وكشف وعبادة وصدق. توفي في جمادى الآخرة. وابن التميم أبو عبد الله بن محمد بن أحمد بن محمد الأنصاري الأندرشي خطيب المرية. رحل في الحديث وسمع من أبي الحسن بن النعمة وابن هذيل والكبار وبالإسكندرية من السلفي وببغداد من شهدة وبدمشق من الحافظ ابن عساكر. ولد سنة أربع وأربعين وخمس مائة وتوفي في ربيع الأول. وابن اللبودي شمس الدين محمد بن عبدان الدمشقي الطبيب. قال ابن أبي أصيبعة: كان علامة وقته وأفضل أهل زمانه في العلوم الحكمية. وكان له ذكر مفرط وحرص بالغ. توفي في ذي القعدة ودفن بتربته بطريق المزة. وابن زرقون أبو الحسين محمد بن أبي عبد الله محمد بن سعد الأنصاري الأشبيلي شيخ المالكية. كان من كبار المتعصبين للمذهب فأوذي من جهة بني عبد المؤمن لما أبطلوا القياس وألزموا الناس بالأثر والظاهر. وقد صنف كتاب المعلي في الرد على المحلى لابن حزم. توفي في شوال وله ثلاث وثمانون سنة. ومحمد بن هبة الله بن مكرم أبو جعفر البغدادي الصوفي. توفي في المحرم ببغداد وله أربع وثمانون سنة. روى عن أبي الفضل الأرموي وأبي الوقت وجماعة. والفازازي محمد بن يخلقتن بن أحمد البربري التلمساني الفقيه الأديب الشاعر. ولي قضاء قرطبة وغير ذلك. والفخر الموصلي أبو المعالي محمد بن أبي الفرج بن معالي الشافعي المقرئ صاحب محمد بن سعدون ومعيد النظامية. كان بصيرًا بعلل القراءات. توفي ببغداد في رمضان عن اثنتين وثمانين سنة.
|